أمل محللة مالية متخصصة في أسواق العملات الرقمية وتحليل حركة الأسعار، انضمت إلى فريق تحرير النسخة العربية على منصة CoinSpeaker في يوليوز 2025. تحمل أمل شهادة ماجيستير في الاقتصاد المالي وتركز على تحليل اتجاهات السوق والمؤشرات التقنية.
أبرز النقاط
- قدّمت شركة Tether، المُصدِرة للعملة المستقرة “usdt”، عرضًا نقديًا كاملًا للاستحواذ على نادي يوفنتوس.
- قُدّرت قيمة العرض بأكثر من مليار يورو (نحو 1.3 مليار دولار)، وهو أعلى من القيمة السوقية للنادي.
- رفضت شركة «إكسور»، الذراع الاستثمارية لعائلة أنييلي ومالكة يوفنتوس منذ أكثر من قرن، العرض بالإجماع.
رفضت شركة “إكسور”، الذراع الاستثمارية لعائلة أنييلي والمالكة لنادي يوفنتوس منذ أكثر من مئة عام، عرض استحواذ نقدي كامل وغير متوقع من شركة Tether Investments في 13 ديسمبر، ما أدى إلى تعطيل صفقة بقيمة 1.1 مليار يورو مقابل حصتها البالغة 65.4% في نادي يوفنتوس لكرة القدم.
في هذا المقال، نحاول تحليل ما الذي جرى، ولماذا انتهت محاولة الاستحواذ بالفشل.
ماذا كانت خطة شركة Tether تجاه يوفنتوس؟
عرضت شركة Tether سعر 2.66 يورو للسهم الواحد مقابل حصة “إكسور”، وهو ما يمثل علاوة بنحو 21٪ مقارنة بسعر إغلاق سهم يوفنتوس في 12 ديسمبر عند 2.19 يورو في بورصة ميلانو، وفقًا لما نقلته رويترز ومستشارو إكسور.
عكس العرض تقييمًا إجماليًا لأسهم النادي يتجاوز مليار يورو بقليل، أي ما يعادل تقريبًا 1.17 إلى 1.30 مليار دولار بحسب سعر الصرف وقت الصفقة. وجاء رفض إكسور بعد أقل من 24 ساعة فقط من إعلان شركة Tether العرض بشكل علني. وبعد ارتفاع أولي، عادت أسهم يوفنتوس للتداول قرب مستويات ما قبل العرض مع إغلاق باب الصفقة.
قدّمت شركة Tether هذه الخطوة على أنها استثمار طويل الأجل. وأوضحت في عرضها، كما نقلت تقارير سوقية من ناسداك وغيرها، نيتها تمويل الصفقة بالكامل من أموالها الخاصة، ثم إطلاق عرض شراء لبقية الأسهم الحرة في السوق بالسعر نفسه البالغ 2.66 يورو.
وعلى منصة X، انتشرت مزحة متداولة مفادها أن “باولو أردوينو” الرئيس التنفيذي لشركة Tether والإيطالي الأصل، كان يخطط لهذه الصفقة منذ اليوم الأول باعتباره مشجعًا قديمًا للنادي. ويجدر التنويه إلى أن شركة Tether تمتلك بالفعل حصة أقلية في نادي يوفنتوس.
Pretty sure the CEO of Tether just used the company to buy Juventus because he's a Juventus fan.
Mans been plotting since the day he got promoted from CTO to CEO. pic.twitter.com/gZImA41CRz
— Steve Cubes (@SteveCubes) December 13, 2025
يرى بعض المحللين أن عرض شركة Tether عكس تقييمًا أقل بكثير من القيمة الحقيقية لنادي يوفنتوس، خاصة أن النادي يمتلك ملعبه الخاص ويُعد من أكبر الأندية من حيث القاعدة الجماهيرية داخل الاتحاد الأوروبي.
Juventus, valued at €1.1 billion by Tether: despite their €840 million market capitalization, this figure is not considered appropriate for a club with its own stadium and by far the largest fan base in Italy. By comparison, AC Milan was acquired by RedBird for €1.2 billion. pic.twitter.com/IBClLuBCC6
— CALCIO WITH RINO Z (@ZaurriniRino) December 13, 2025
في المقابل، أشارت تغطيات أخرى استندت إلى العرض التقديمي لشركة Tether إلى تعهّد الشركة بضخ استثمارات إضافية تصل إلى مليار يورو على مراحل، مخصصة لتطوير الملعب، والأنشطة التجارية، والجانب الرياضي. وبذلك، يصل إجمالي رأس المال الذي كانت شركة Tether تنوي استثماره في يوفنتوس إلى نحو 2.1 مليار يورو.
لماذا رفضت إكسور عرض شركة Tether؟
أكدت شركة “إكسور” في بيانها الرسمي أنها لا تنوي بيع أي من أسهمها في نادي يوفنتوس لأي طرف ثالث، بما في ذلك شركة Tether التي تتخذ من السلفادور مقرًا لها.
وأبرزت الشركة القابضة أن “إكسور” وعائلة أنييلي دعمتا يوفنتوس لأكثر من مئة عام، وقدمتا النادي باعتباره أصلًا استراتيجيًا طويل الأجل لا مجرد استثمار مالي قابل للتخارج. وجاء هذا الموقف بعد نحو ثلاثة أسابيع فقط من نجاح يوفنتوس في جمع 97.8 مليون يورو عبر زيادة رأس المال، بهدف خفض الديون وتعزيز الوضع المالي للنادي.
وفي رسالة مصورة منفصلة نشرها النادي عبر قنواته الرسمية، جدّد جون إلكان، الرئيس التنفيذي لإكسور، هذا الموقف بشكل قاطع، قائلًا: “يوفنتوس، تاريخنا وقيمنا ليست للبيع”. وأضاف أن النادي ظل في كنف العائلة لمدة 102 عام، وأن أربعة أجيال تولّت رعايته خلال فترات صعبة، وكذلك خلال سنوات التتويج بالألقاب.
John Elkann: “Juventus, our history, and our values, are not for sale.” pic.twitter.com/nC6pX8s327
— JuventusFC 🇬🇧🇺🇸 (@juventusfcen) December 13, 2025
جاء ردّ إكسور صارمًا وواضحًا: لا بيع، لا لتيذر ولا لأي طرف آخر. ويتماشى هذا الموقف مع إفادات خلفية نقلتها رويترز عن مصادر مقرّبة من عائلة أنييلي، شددت على أنه لا توجد نية للتخارج من يوفنتوس، رغم عقدٍ من أرباح صافية ضعيفة أو سلبية، وتراجع سعر السهم بنحو 27٪ هذا العام قبل ظهور العرض.
وبالنسبة للمتداولين الذين يحاولون تجاوز الضجيج، انتهى هامش الصفقة ولم يعد قائمًا. لكن الإشارة الأهم تكمن فيما تعنيه هذه الواقعة بشأن محاولات رأس المال القادم من عالم العملات الرقمية لاختراق علامات تجارية عريقة تنتمي إلى منظومة “المال القديم”.
ما الذي تعلّمناه من اختبار الواقع الذي واجهته شركة Tether؟
اختبرت تيذر عمليًا ما إذا كان مُصدِر عملة مستقرة بقيمة تقارب 130 مليار دولار قادرًا على دفع شيك بعلاوة تتجاوز مليار يورو وانتزاع أصل عائلي عمره قرن من الزمان، لكنها فشلت فورًا. ويكشف ذلك حقيقتين واضحتين.
أولًا، لا يزال المُلّاك التقليديون المسيطرون على العلامات الرياضية الكبرى يضعون الحوكمة، والإرث التاريخي، والحسابات السياسية في مقدمة الأولويات، متقدمين على سيولة العملات الرقمية، حتى عندما تبلغ العلاوة 20٪ ويُرفق العرض بتعهّد بضخ مليار يورو إضافي كاستثمارات رأسمالية.
ثانيًا، مع تراكم السيولة لدى مُصدِري التوكنات من عوائد الاحتياطيات وسعيهم إلى تحقيق عائد في العالم الحقيقي، ستتواصل محاولاتهم لاختراق أصول منظّمة وعالية الظهور. لكن الجهات الرقابية، ومكاتب التصنيف، وحَمَلة الأسهم بات لديهم الآن نموذج حي يوضح كيف تتعامل الشركات العائلية الأوروبية القابضة مع هذه العروض. وأي محاولة مستقبلية لانتقال رأس مال من عالم العملات الرقمية إلى نادٍ مُدرج في البورصة ستحتاج إلى أكثر من قفزة في التقييم؛ ستحتاج إلى هيكل حوكمة متماسك وحزمة سمعة يمكن للمُلّاك الراسخين الدفاع عنها أمام مجالس إداراتهم والجهات الرقابية المحلية.